الجزء الخامس من اختبار حفظ سورة النساء
وسنتحدث في وصف هذا الجزء في تكميل تفسير بعض آيات سورة النساء، وقد وصلنا للاّية التاسعة والعاشرة، { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } وهو خطاب لمن يحضر عند الموت ويحضر وصيته، أن يأمره بالعدل في وصيته والمساواة فيها، ويقول قول الحق بقوله تعالى { وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا }بمعنى موافقا للقسط والعرف، والمراد بذلك أوصياء السفهاء من المجانين والصغار والضعاف، وأن يعاملوا كما يحبون أن يعامل ذريتهم الضعاف من بعدهم { فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ } في ولايتهم على غيرهم، بمعنى معاملتهم بما فيه تقوى الله، وعدم إهانتهم وإلزامهم لتقوى الله. أمر الله عدم أكل أموال اليتامى، وتوعد من يفعل ذلك أشد العذاب فقال عز وجل { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا } بمعنى بغير حق.
فمَنْ أكل أموال اليتامى ظلما، قال الله تعالى { إنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا } بمعنى إن الذي أكلوه سيصبح نار تتأجج في أجوافهم ، { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } بمنى نارًا محرقة متوقدة. وهو وعيد يدل على قبح أكل أموال اليتامى ، وأنها تدخل صاحبها النار، وهي من أكبر الكبائر.
ونصل الى الاّية الحادية عشر والثانية عشر { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا *وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } وهذه الآيتين والاّية الأخيرة من السورة هن آيات المواريث المتضمنة لها، والمعنى الاّيات مشتملات على جل أحكام الفرائض، بل على جميعها كما سنبين، ما عدا ميراث الجدات فإنه غير مذكور، لكن ثبت في الأحاديث النبوية، عن المغيرة بن شعبة وعن محمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرض للجدة السدس، وقد أجمع العلماء على ذلك.
وقوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } بمعنى أولادكم أيها الوالِدِين هم عندكم ودائع من الله وصاكم عليهم، لتقوموا على تربيتهم الدينية والدنيوية، تعلمونهم وتؤدبوهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } فالأولاد عند والديهم قد أوصى الله بهم، فعليهم أن يقوموا بتلك الوصية، وإن تركوها فاستحقوا بذلك الوعيد والعقاب، وهذا يدل على أن الله تعالى حتى أرحم بعباده من الوالدين، لذلك أوصى الوالدين عليهم. ثم ذكر الله تعالى كيفية إرثهم فقال { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } بمعنى الأولاد للصلب، والأولاد للابن، أي للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد أجمع العلماء على ذلك، أي مع وجود أولاد الصلب فيكون الميراث لهم، وليس لأولاد الابن من شيء، ولو كان أولاد الصلب ذكورًا وإناثا، هذا مع اجتماع الذكور والإناث. وهناك حالتان وهي انفراد الذكور، وانفراد الإناث، وذكره الله بقوله{ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ } بمعنى بنات صلب أو بنات ابن، ثلاثا فأكثر { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَة } بمعنى بنتا أو بنت ابن { فَلَهَا النِّصْفُ } وقد أجمع العلماء على ذلك، وبالأخير يستفاد أن للبنتين الاثنتين الثلثين وقد أجمع العلماء على ذلك، ومنه يستفاد من ذلك بقوله { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ } فمعنى ذلك أنه إن زادت على الواحدة، تحول الفرض عن النصف، ومن ثَمَّ بعده الثلثان، وأيضا بقوله تعالى { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } أي إذا خلَّف ابنًا وبنتًا، فيكون للابن الثلثان، وقد حدثر الله للذكر مثل حظ الأنثيين، واستدل على ذلك على أن للبنتين الثلثين. وأيضًا بين إن البنت إذا أخذت الثلث مع أخيها فمع أختها من باب أولى وأحرى. وأيضا قوله تعالى في الأختين { فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } نص في الأختين الإثنين.
فإذا كان الأختان الاثنتين يأخذان الثلثين فالابنتان من باب أولى، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنتي سعد الثلثين كما في الصحيح. وفي قوله تعالى { فَوْقَ اثْنَتَيْن }، أنه حتى يعلم أن الفرض الذي هو الثلثان لا يزيد بزيادتهن على الاثنتين، ودلت الآية الكريمة أنه إذا وجد بنت صلب واحدة، وبنت ابن أو بنات ابن، فإن لبنت الصلب النصف، ويبقى من الثلثين اللذين فرضهما الله للبنات أو بنات الابن السدس، فيعطى بذلك بنت الابن، أو بنات الابن، ولهذا يسمى هذا السدس تكملة الثلثين.
هذا هو الجزء الخامس من حفظ سورة النساء، مستعد لتكمل رحلتك في مدى حفظك لهذه الآيات العظيمة؟ حظ موفق!
عينة من الإختبار
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَ________ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا ______ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ _______ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا
وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ _________"
لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ _______وَلَا نَصِيرًا